مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية

موقع ينشر فكر المرجع العراقي آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحلقة الثانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن المرجعية
فضلائي نشط
فضلائي نشط



المساهمات : 33
تاريخ التسجيل : 10/05/2008

الحلقة الثانية Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الثانية   الحلقة الثانية Emptyالأحد مايو 11, 2008 7:45 am

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله الأطيبين الأطهرين
ثانيا: الجانب الجهادي
يقول تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم}.
ثقافة الجهاد أو ما نسميه اليوم بالمقاومة أسسها الإمام الحسين في نهضته الإصلاحية وسارت بها السيدة زينب في خطواتها المنهجية، فوضعا أسس التحرك اللازمة للتطبيق الأمثل لثقافة الجهاد، وكان من أهم هذه الأسس الإيمان بالله؛ وهنا يكمن الحرص على الحفاظ على مبادئ الله تعالى وتعاليمه الملزمة... فمعنى الإيمان هو الطاعة المطلقة والتطبيق الحرفي لأوامر الله سبحانه وتعالى ولا يكفي بأن ندعي الإيمان ثم نطبق ما نهوى ونرغب على أساس أننا مؤمنون... فالإيمان حالة خضوعية للتطبيق الصحيح في كل خطوة يخطوها المؤمن.. وعندما يؤمن الفرد يُخضع ويُلزم نفسه بشرعة الله عز وجل وأن لا يكون مزاجيا في تصرفاته وتوجهاته يطبق ما ينفعه ويترك ما لا يفيده في تحركه، فبهذا الإلزام الذاتي يصبح الفرد مؤمنا بما أراده الله عز وجل ومطبقا لتعاليمه التي لو اتبعناها لاهتدينا بهديه وابتعدنا عن الضلال وما أبحنا ما حرم الله كما يجري في عصرنا...
الحسين وزينب وضعا ثقافة المقاومة موضع التطبيق قبل أربعة عشر قرنا من الزمن فلن يسمح الحسين لعدوه التقرب إلى بيت الله الحرام والى المقدسات وانتهاك حرمات الله فيها فترك فريضة الحج بيوم التروية أي قبل الحج بيوم واحد حتى لا تمس العتبات المقدسة بسوء ولا يسمح للضلاليين والمارقين بتدنيسها لأنه يعلم بأنهم لا التزام لهم ولا اعتقاد عندهم بهذه المقدسات وحين أجاب عبد الله بن عمر بن الخطاب بعد طلب الأخير من الإمام الحسين البقاء في المدينة قال:
(يا عبد الله أما علمت أن من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل. أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يبيعون و يشترون كأن لم يصنعوا شيئا فلم يعجل الله عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ذي انتقام).
وكان قرار الهجرة في سبيل الله في أحلك الظروف وأصعب الأوقات لكن حرص الإمام الحسين على حرمة العتبات المقدسة من الانتهاك من قبل المرتدين دفعه لاتخاذ هذا القرار الصعب بالهجرة مع عياله وأطفاله وأهل بيته ومن أراد مرافقته في هذا المسير بإعلان صريح وواضح حين قال:
(إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين).
ومن خطبته قبل خروجه من مكة:
(رضى الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة له في حضيرة القدس تقر بهم عينه وينجز بهم وعده. ألا من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى).
ولم يرفض الإمام الحسين أحدا رغب في الجهاد في سبيل الله عندما يكون هذا المجاهد من غير مرافقيه كما حصل مع زهير بن القين وهو عثماني الهوى والحر بن يزيد الرياحي وهو أحد قادة المعسكر الأموي.
إن مبدأ الحوار هو أساس ثقافة المقاومة التي أرسى دعائمها الإمام الحسين(ع)، والحوار ركيزة أساسية من ركائز الإيمان بالله وعدم الانزلاق بالقرارات الشخصية في مواجهة الطرف الآخر وإن كان هذا الطرف متمردا ومستغرقا في معصية الله تعالىفي وقت يكون الطرف الأول هو الحق الكامل متمثلا بابن بنت رسول الله، فلم يترك بابا من أبواب الحوار إلا وطرقه من أجل حقن الدماء وعدم انزلاق الآخرين في معصية الله سرا وعلانية: إذ لم يكن الإمام الحسين يحاور من أجل أن يتجنب القتل وهو الذي صرح أكثر من مرة أن (شاء الله أن يراني قتيلا) ولا خوفا على عياله وأطفاله وقد كان تصريحه واضحا (شاء الله أن يراهن سبايا) وإنما كان حرصه على حماية حقوق الإنسان، الإصلاح الذي طلبه كان من أجل كرامة الإنسان وضرورة عدم العبودية لغير الله تعالى وترك أصنام الجاهلية التي تمثلت في العصر الإسلامي بعبادة الأشخاص الذين لا حول لهم ولا قوة إلا البطش والإرهاب والإكراه المتعمد على معصية الله تعالى متناسين وغير آبهين بقوة الله العظمى وهذا شرخ كبير تركه النظام الأموي لأسباب فيزيولوجية موروثة ولأسباب حقدية وثأرية على سيدنا محمد والتركيز على الأسس الرئيسية التي أوصى النبي بها الناس كتاب الله والعترة، فركز هذا النظام منذ تأسيسه على تهميش كتاب الله بإباحة المحرمات كشرب الخمر والإباحية وتهميش العبادات، ويكفي أن نذكر أبيات الشعر التي تمثل بها يزيد عندما شاهد رأس الإمام الحسين(ع) (تاريخ الطبري: ج8 ص187):
ليت أشـياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعـل
ولعت هاشــم بالملك فلا خبر جــاء ولا وحي نزل

ويحضرني هنا فتوى الإمام احمد بن حنبل بتكفير يزيد ولعنه التي نقلها الهيثمي في (الصواعق المحرقة: ج2 ص635): صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: إن قوما ينسبوننا إلى تولي يزيد. فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله؟ ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟ فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال: في قوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} فهل يكون فساد أعظم من القتل؟.
الحوار مع الحر:
في أول اللقاء خطب الإمام الحسين(ع) بجيش الحر الرياحي قائلا بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
(إنها معذرة إلى الله عز وجل وإليكم، وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت بها علي رسلكم، أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم، وإن كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم).
وبعد أن أمّهم لصلاة الظهر وفرغ من الصلاة خطب فيهم قائلا:
(أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمد أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلاّ الكراهية لنا والجهل بحقنا وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم انصرفت عنكم).
فكان رد قائد الجيش (الحر) بعدم المعرفة والإصرار على إقدام الحسين إلى ابن زياد في الكوفة، فلم يوافق الإمام الحسين بذلك فحال الحر وجيشه دون عودة الحسين إلى دياره وسيّر القافلة إلى كربلاء. وفي الطريق خاطب الإمام الحسين جيش الحر قائلا: بعد حمد الله والثناء عليه:
(أيها الناس إن رسول الله قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ناكثا عهده مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله وإنا أحق ممن غيَّر، وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني فإن أتممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم ولكم فيّ أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، فالمغرور من اغتر بكم فحظكم أخطاتم ونصيبكم ضيعتم ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
ورغم كل ذلك فقد أغوتهم الدنيا وأرهبتهم الضلالة فاستكانوا لأمر الباطل وتركوا قول الحق... فأقبل الإمام الحسين على أصحابه قائلا:
(الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون).
وأضاف قائلا:
(فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما).
حواره مع عمر بن سعد:
بعد أن أرسل إليه ودار نقاش بينهما بالتذكير والوعيد فلم يكترث عمر بن سعد بقول الإمام بل زاد في غروره وافتراءاته.
خطبة الحسين مع الجيش المعادي:
كانت بمثابة عظة وتوعية وتذكير بكونه ولي الله في الأرض وابن بنت خاتم الأنبياء ليس في وقته ابن بنت نبي غيره وابن بنت نبي هذا الجيش الزاحف لقتاله.
حوار زهير بن القين مع القوم:
كان ذا نصيحة وحوار بالعدول وتذكير ووعيد ولكن دون جدوى فختم أقواله بإنذارهم:
(عباد الله لايغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه فوالله لا تنال شفاعة محمد(ص) قوما هرقوا دماء ذريته وأهل بيته).
حوار برير بن خضير مع القوم:
وقف مخاطبا:
(يا معشر الناس إن الله بعث محمدا بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله أفجزاء محمد هذا ؟) فلم يكترث له أحد ووعدوه بعطش الحسين كما عطش من كان قبله فتبرأ منهم ودعا عليهم قائلا: (اللهم ألق بأسهم بينهم حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان).
خطبة الحسين الثانية:
كانت بمثابة تحذير ووعيد بحكم الله العاجل في الدنيا قبل عذاب الآخرة وأخبرهم في خطابه: (إن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
وهددهم بأدعيته المتكررة إلى الله تعالى.
استدعاؤه لعمر بن سعد ثانية:
قال له:
(أي عمر أتزعم أنك تقتلني ويوليك الدعي بلاد الري وجرجان والله لا تتهنا بذلك، عهد معهود فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة...).
حوار الحر بعد التوبة مع الجيش: وطلبه منهم الكف عن مقاتلة الحسين فلم يوافقوا وقاتلهم حتى قتل.
وبذلك استمر الحوار حتى النهاية كي لا تبقى حجة لأحد أمام الله عز وجل ولكي تظهر الغاية المرجوة من محاربة الظالمين.
الحرص على سلامة الناس وحتى البهائم:
مبدأ آخر من مبادئ ثقافة الجهاد؛ فمنذ البداية كان الإمام الحسين حريصا على سلامة الإنسان وإن كان عدوا، فعندما واجه جيش الأمويين بقيادة الحر بن يزيد الرياحي وكانوا يشكون العطش أمر بسقايتهم وترشيف خيولهم رغم أنهم جاؤوا لقتاله، وكان هذا سببا باعتقادي في تفهم الحر غاية الإمام الحسين(ع)والتمرد على القيادة الأموية من بعد والاستغفار والانضواء تحت لواء الإمام الحسين(ع)، ولأنه رحمة كجده(ص) بكى يوم عاشوراء على القوم الذين سيدخلون النار بقتلهم له. وكذلك الحرص من جانب آخر على رفاقه من أهل بيته وبني عمومته وأصحابه ليلة وقوع المعركة فمن خطابه لهم:
(...إني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعا خيرا...).
فأبى الجميع إلا أن يستشهدوا في سبيل الحق تحت لواء ابن بنت رسول الله .
تحمل الإيذاء والعوائق من أجل المثول أمام مشيئة الله عز وجل: جلافة الجيش الأموي وصلافته لم يعيقا مسيرة الحق في منهجية الثورة الحسينية، إضافة لمحنة العطش الذي مورس على الأطفال والعيال فلم يزدهم إلا صبرا وقوة إرادة واستمرارية في المثول لإرادة الباري عز وجل لتقويم إرادة الحق ودحض مسيرة الباطل وإزهاقها.
وهنا يأتي دور السيدة زينب في الاستمرار بثقافة المقاومة من أجل إصلاح الأجيال بعد استشهاد الإمام الحسين ومواجهة صلف العدو وأحقاده بمراحل تربوية شكل جانبا تربويا فريدا بإعلام منظم وخطاب كان أبلغ من السيف وأحدّ، لذلك سارت السيدة زينب بخطوات ممنهجة وكلمات مدروسة لا تتعدى في تحديها للباطل إلا بانتقام موعود من الله وتربية حقيقية لنفوس مريضة استحقت التأديب الزينبي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحلقة الثانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية :: خاص بالمرجع (دام ظله) :: مناسبات أهل البيت (عليهم السلام)-
انتقل الى: