مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية

موقع ينشر فكر المرجع العراقي آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاجتهاد والتقليد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السيد زمن المحنّة
مدير الموقع
السيد زمن المحنّة


المساهمات : 259
تاريخ التسجيل : 07/04/2008
العمر : 43

الاجتهاد والتقليد Empty
مُساهمةموضوع: الاجتهاد والتقليد   الاجتهاد والتقليد Emptyالخميس مايو 08, 2008 12:31 pm

الاجتهاد والتقليد

نحن نعلم إجمالاً –أي، حتى لو لم نعلم بالتفاصيل- بأنّ الله تبارك وتعالى لم يخلقنا في هذه الدنيا عبثاً أو لهواً (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء : 17) وإنّما خلقنا لهدف (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56) أي (ليعرفون) كما ورد في الرواية الشريفة ويظهر من بعض الروايات التي وردت في تفسير قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) (الأعراف : 172) أنّ عقداً تم الاتفاق عليه بين الله تبارك وتعالى وبين عباده بأن يخرجهم من ذلك العالم إلى عالم الدنيا ويسخّر لهم كل ما في الأرض (خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرض جَمِيعاً) (البقرة : 29) على أن يطيعوه بتكاليف يسيرة فيصلّون خمس مرات في اليوم ويصومون شهراً في السنة ويحجّون بيته الحرام في العمر مرة ويجتنبون الفواحش بعد أن أحلّ لهم ما يعوضهم عنها ويلبي احتياجاتهم الجسدية والنفسية والروحية وكل ذلك من أجل مصالح تعود لهم ثم وعدهم -إن وفوا بالاتفاق- جنات النعيم خالدين فيها فوقّع كل البشر على هذا العقد لأنّه صفقة رابحة لا يرفضها ذو عقل فلما خرجوا إلى الدنيا نسوا العهد ولم يجد لهم الله تبارك عزماً فأرسل إليهم الأنبياء والرسل وأنزل عليهم الكتب ليذكروّهم بذلك العهد فمنهم من التزم وعاد إلى فطرته التي فطر الناس عليها ومنهم من تمرد وأعرض.
وأعتقد أنّنا الآن لو عرضت علينا نفس الصفقة لما ترددنا في الموافقة عليها، وعلى أي حال فإنّ هذا العلم الإجمالي بوجود تكاليف علينا يوجب علينا التحرك للخروج من عهدة هذه التكاليف التي بيّنها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم والنبي وآله الطاهرون (صلوات الله عليهم أجمعين) في السنة الشريفة، وعدا بعض الأحكام التي يعلم الإنسان يقيناً أنّها من الشريعة فإنّ هذا التحرك يكون بأحد أساليب ثلاثة:
الأول: أن تكون للمكلف القدرة على الوصول إلى الحكم الشرعي الذي تطمئن إليه نفسه من مصادر التشريع وهذه القدرة التي تصبح ملكة راسخة في ذهن الإنسان تُعرف بــ (الاجتهاد) وهي تتوقف على مقدمات عديدة كالتضلّع في علوم اللغة العربية لمعرفة مداليل الكلام في عصر صدور النص وعلم الرجال لتمييز الرواة الثقات عن غيرهم وعلم أصول الفقه الذي يبيّن قواعد التعامل مع النص الشرعي وطرق الوصول إلى الحكم من مصادره وغيرها من العلوم كالتفسير والتاريخ والحديث والمنطق والفلسفة وهي كما ترى مسؤولية شاقة ومرتبة شريفة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
الثاني: اختصار الطريق والرجوع إلى من توفرت عنده ملكة الاجتهاد وأتعب نفسه في تحصيل الأحكام وكان ورعاً تقياً لا يُتَّهم بأنّ آراءه الفقهية ناشئة من مصالح شخصية أو تزلفاً للحكّام أو تحت أي ضغط آخر. ويسمى هذا الرجوع (التقليد) وهو أيسر الطرق.
والتقليد بهذا المعنى -أي رجوع غير العارف بأسرار مهنة معينة إلى العارف بها- سيرة يتبعها العقلاء في سائر شؤونهم فمن يعاني من مشاكل في صحته يرجع إلى الطبيب ومن يريد أن ينشئ بناية يرجع إلى المهندس وهكذا.
الثالث: أن يكون الإنسان ذا معرفةٍ بالصور المحتملة للحكم الشرعي في كل حالة تعترضه فيؤدي تكليفه على كل الاحتمالات التي يتيقن في نهايتها بمطابقة إحدى الصور للحكم الواقعي كما لو شك أنّ تكليفه صلاة القصر أو التمام فيؤدي الفريضة على كلا الاحتمالين ويكون قد أصاب تكليفه الواقعي حتماً.
وهو طريق شاق صعب ويتطلب ذوقاً فقهياً معتدّاً به لمعرفة مقتضيات الاحتياط في كل مورد ويؤدي إلى مضيعة الوقت ولو التزم به الناس فسيؤدي إلى اختلال النظام الاجتماعي العام لأنّه سيؤثر على الأنشطة الحياتية المتعددة كما أنّه قد تحصل حالات يدور فيها الاحتمال بين حكمين إلزاميين متعارضين كالوجوب والحرمة مما يتعذر معه الاحتياط، كما أنّه ليس متيسراً أحياناً معرفة مقتضى الاحتياط ومتطلباته في الواقعة المعينة، وفي ضوء هذه المشاكل فإنّ اتخاذ الاحتياط طريقاً ثابتاً للتعرف على الأحكام الشرعية وامتثالها أمر محرج أو متعذر ولكن الاحتياط في بعض المسائل من دون اتخاذه منهجاً أمر حسن ومحمود.
ومن هنا انحصر سلوك الناس في التعرف على الأحكام وامتثالها على طريقي الاجتهاد والتقليد وتوجد موارد لا يحتاج فيها إليهما فيما إذا علِم المكلف بالقطع واليقين حكماً من الأحكام الثابت وجودها في الدين كوجوب الصلاة وإباحة أكثر الأشياء.
(مسألة 1) : يبلغ الإنسان الذكر سن التكليف بخروج المني منه سواء في اليقظة أو في المنام أو بإكماله خمس عشرة سنة قمرية أي حوالي أربع عشرة سنة شمسية وخمسة أشهر أو بنبات الشعر الخشن على العانة، أمّا الأنثى فتبلغ بإكمالها تسع سنين قمرية أي حوالي ثمان سنين وتسعة أشهر شمسية، وينبغي لأولياء الأمور تدريب أبنائهم على الطاعة وتجنيبهم المعاصي قبل هذا العمر لتتحول الحالة عندهم إلى برنامج حياتي ثابت.
(مسألة 2) : لابد للمكلف من اتخاذ إحدى الطرق المذكورة للوصول إلى الحكم الشرعي وليس له أن يعمل بما يقتضيه رأيه أو هواه لأنّه من اتِّباع الظن وقد نهى الله تعالى عنه (إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (النجم : 28).
(مسألة 3) : يشترط في مرجع التقليد إضافة إلى ما ذكر أن يكون منتمياً لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لأنّه يمثل واسطة لنقل الأحكام إلى أتباع هذه المدرسة فلا بد أن يكون جزءاً منها ويشترط أن يكون ذكراً إذا كان من يرجع إليه ذكور وأن يكون عارفاً بشؤون الحياة العامة لأنّ لها دخلاً في فهم الموضوعات وبالتالي في صحة تطبيق الحكم عليها وأن يكون ذا خبرة في الممارسة الفقهية والإحاطة بمقدمات الوصول إلى الحكم الشرعي وكلما كانت هذه الشروط أكثر توفراً في المجتهد وأمكن تحديدها فينبغي اختياره في التقليد وهو المعنى الواسع (للأعلمية) الذي نفهمه.
وإذا توفرت هذه الصفات في أكثر من شخص فيمكن للمكلف اختيار أحد الذين يقعون في دائرة محتملي الأعلمية ويحسن الاحتياط في المسائل المهمة فيما إذا اختلفوا بينهم كما لو أحرم من الميقات وكانت حركة سيره ليلاً ولا يوجد مطر في السماء فقد قال بعضهم بعدم حرمة التظليل وقال آخرون بحرمته مطلقاً فالاحتياط هنا بترك التظليل لأنّ الحج يجب مرة في العمر فيحسن الاحتياط فيه.
ولما كانت المرجعية في الفتوى لا تنفك عن متابعة شؤون الأمة الحياتية وقيادتها في قضاياها المصيرية فضلاً عن الجزئية فيشترط الرجوع إلى المجتهد الحي الذي قد يجيز لمقلديه العمل بالرسالة العملية للمجتهد الميت إذا اقتنع بذلك مفترضاً فيها أنّها رسالته العملية مع إرجاعهم له في المسائل المستحدثة والتي يختلف فيها معه.
(مسألة 4) : إذا قلد مجتهداً فمات فعلى المكلف الرجوع إلى المجتهد الحي الذي تنطبق عليه الشروط السابقة وهو الذي يحدد للناس كيفية الرجوع إليه وإلى المجتهد الميت وإذا لم يفعل المكلف ذلك غفلة أو إهمالاً أو اعتزازاً بالميت فعليه استعلام وظيفته فيما أداه في تلك الفترة من المجتهد الحي.
(مسألة 5) : يثبت الاجتهاد والأعلمية بشهادة أهل الخبرة والاختصاص وهم فضلاء وأساتذة الحوزة العلمية الشريفة فضلاً عن مجتهديها أمّا غيرهم فليس لهم بيان الرأي في هذا الموضوع ولا اعتبار لقولهم مهما كان عددهم كبيراً، نعم، لهؤلاء الغير نقل شهادة أهل الخبرة إلى ذويهم وأصدقائهم وهذا ما جرت عليه سيرة العقلاء في سائر العلوم والفنون، والفقه منها.
ويشترط في أهل الخبرة إضافة إلى الفضيلة العلمية المرموقة الدقة في الشهادة والورع والترفع عن الهوى والمصالح الشخصية والفئوية.
(مسألة 6) : إذا قلّد مجتهداً فاختلّ فيه أحد شروط الرجوع إليه وجب العدول إلى من اجتمعت فيه وإذا ظهر من هو أجمع للشروط الأساسية في التقليد بحيث يصبح اطمئنان المكلف أكبر بصواب الأحكام لدى الثاني باعتبار قوة ملكته وإحاطته بمقدمات ووسائل الوصول إلى الحكم الشرعي وجب على المكلف العدول إلى الثاني أيضاً.
(مسألة 7) : إذا عمل المكلف بلا مستند شرعي من الطرق التي ذكرناها فإن اتفقت مطابقة عمله لفتوى المرجع الذي كان عليه أن يقلّده في زمن العمل فلا بأس عليه وإن لم يكن كذلك فيسأل المجتهد الجامع للشروط لتحديد وظيفته من القضاء وعدمه.
(مسألة Cool : الاجتهاد ملكة وقدرة فإذا توفرت في الشخص -بفضل الله تبارك وتعالى- صار مجتهداً ولا معنى لتجزئها، نعم، هي قابلة للضعف والقوة كسائر الملكات، وهي -كممارسة- قابلة للتخصص ولما كانت الممارسة الطويلة وسعة الاطلاع على الآراء الفقهية ذات تأثير في دقة الحكم الصادر فإنّ التخصص في الفقه كالتخصص في الطب وسائر العلوم الأخرى أمر مقبول، بل مستحسن ويساهم في إنضاج العلم وتعميقه والوصول إلى نتائج مبدعة وإذا وجد فقيه متخصص في مجال معين وكان (أعلماً) في اختصاصه فيمكن، بل يجب الرجوع إليه في هذا المجال ويبقى في غيره ملتزماً بمرجع تقليده.
(مسألة 9) : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد موكّله لا تقليد نفسه، لكن المستأجر لأداء العبادات عن الميت يؤديها طبقاً لتقليده هو لا المنوب عنه لأنّ الأجير هو المتقرب إلى الله تعالى بالعبادة وهي فعل نفسه ويترتب عليها إبراء ذمة الميت.
(مسألة 10) : لا يجوز للمكلف نقل الفتوى إلى غيره إلا بعد التأكد من صدورها من مرجع التقليد وإلا بعد فهم المراد منها جيداً ولو أخطأ في النقل فإن كان ما نقله موافقاً للاحتياط كما لو نقل عدم وجوب شيء وكان جائزاً فليس عليه تصحيح النقل وإن كان العكس كما لو نقل عدم وجوب شيء أو عدم حرمته وكان واجباً أو حراماً فعليه التصحيح، وإن تعارض عنده النقلان فليس له العمل بالفتوى المنقولة حتى يتأكد منها صدوراً ومضموناً.
(مسألة 11) : ما نذكره من الاحتياطات يجب العمل به إلا أن نقول عنه إنّه استحبابي أو يرجع المكلف إلينا لمعرفة وجهه.
(مسألة 12) : يجب على الإنسان أن يتفقه في الدين بالمقدار الذي يبرئ ذمته أمام الله تبارك وتعالى فيتعلم أحكام الواجبات ليؤديها بالصورة المجزية والمبرئة للذمة ويتعرف على المحرمات ليتجنبها.
(مسألة 13) : إذا نقل شخص فتوى إلى آخر فتبيّن خطؤه فعليه تبليغه بالصحيح في الموارد التي يكون فيها تضييع لحكم إلزامي كما لو نقل له عدم الوجوب أو عدم الحرمة فبان أنّه واجب أو محرم وكذا إذا كان فيه تغرير مضرّ بالمكلف.
وإذا نقل أكثر من شخص أجوبة متعارضة عن مرجع تقليده فإن حصل الاطمئنان بنقل أحدهما عمل بموجبه وإن لم يحصل فعليه التثبت والاحتياط حتى يعرف الجواب الصحيح.
(مسألة 14) : لا يجوز التقليد في العقائد، بل يجب أن تكون عن قناعة بالحجة والدليل ويكفي فيه أن يكون مبسّطاً (3) ويثير كوامن الفطرة فيعتقد بالتوحيد لأنّه (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء : 22) أو كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) (لو كان لربك شريك لأتتكَ رُسُله)(4).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fudlaa.yoo7.com
 
الاجتهاد والتقليد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية :: خاص بالمرجع (دام ظله) :: سبل السلام-
انتقل الى: