مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية

موقع ينشر فكر المرجع العراقي آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التواضع ( الشيخ سلام باقر الربيعي )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السيد زمن المحنّة
مدير الموقع
السيد زمن المحنّة


المساهمات : 259
تاريخ التسجيل : 07/04/2008
العمر : 43

التواضع ( الشيخ سلام باقر الربيعي ) Empty
مُساهمةموضوع: التواضع ( الشيخ سلام باقر الربيعي )   التواضع ( الشيخ سلام باقر الربيعي ) Emptyالجمعة مايو 16, 2008 1:59 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
التواضع
الحمد لله كما هو أهله ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين :
في رواية عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
( لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون كامل العقل ، ولن يكون كامل العقل حتى يكون فيه عشر خصال :
الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون ، يستقلّ كثير الخير من نفسه ويستكثر قليل الخير من غيره ، ويستكثر قليل الشرّ من نفسه ويستقلّ كثير الشرّ من غيره ، ولا يتبرّم بطلب الحوائج قلبه ، ولا يسأم من طلب العلم عمره .
الذلّ أحبّ إليه من العزّ ، والفقر أحبّ إليه من الغنى ، حسبه من الدنيا القوت ، والعاشرة وما العاشرة ؟ لا يلقى أحداً إلا قال : هو خير مني وأتقى ، إنما الناس رجلان : رجل خير منه وأتقى وآخر شرّ منه وأدنى ، فإذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي من هو شرّ منه وأدنى قال : لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن ، فإذا فعل ذلك فقد علا وساد أهل زمانه ) .
إنّ المتتبع لروايات أهل بيت العصمة ( صلوات الله عليهم أجمعين ) يجد ـ في قسم كبير منها ـ التأكيد على وضع حدود واضحة لكلّ فضيلة ، بحيث لا يكون المرء متصفاً بالفضيلة الكذائية إلا إذا كان متصفاً باثنين أو ثلاث أو أربع أو أكثر من ذلك من الصفات والشروط ، والحديث المتقدم هو واحد من تلكم الأحاديث ، فموضوعه هو الإيمان الحقيقيّ للفرد ، ولا يكون إلا بكمال العقل ، وكماله لا يكون إلا بتحقق صفات عشر .
ولكنّ المتتبع أيضاً يجد في نفس الوقت أحاديث تتسم ـ ظاهراً ـ بالاختلاف في وضع ورسم حدود فضيلة ما ، فبينا في حديث يقول أنّ علامات المؤمن ثلاث ـ مثلاً ـ نجد في حديث آخر يقول أنّ علامة المؤمن واحدة هي كمال العقل ـ كما في حديثنا المتقدم ـ .
و لرفع هذا الاختلاف الظاهريّ في هذه الروايات ـ مع غضّ النظر عن سندها ـ توجد عدّة أطروحات ، منها :
1 . أنّ هناك تداخلاً في تلك الصفات التي تذكر لرسم حدود فضيلة ما ، فتذكر في حديث باسم معيّن وفي آخر بغيره ، ولكنّ الحقيقة هي أنّ المفهوم واحد ، ولربما ضمّ مفهوم واحد عدّة مفاهيم .
فمثال الأول قول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث : الفقه في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على الرزايا ) ، وفي حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : ( لا يكون المؤمن مؤمناً ولا يستكمل الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : اقتباس العلم ، والصبر على المصائب ، وترفق في المعاش ) .
ومثال الثاني ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال : ( لا يكمل إيمان المؤمن حتى يعدّ الرخاء فتنة ، والبلاء نعمة ) ، وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) أنه قال : ( لا يكمل عبد الإيمان بالله حتى يكون فيه خمس خصال : التوكل على الله ، والتفويض الى الله ، والتسليم لأمر الله ، والرضا بقضاء الله ، والصبر على بلاء الله ...) .
فعدّ الرخاء فتنة من مقتضيات الرضا بقضاء الله ، وعدّ البلاء نعمة من مقتضيات الصبر على بلاء الله .

2 . أنّ بعض الأحاديث تصف الفضيلة تارة بعلاماتها وما يظهر منها على الفرد في الخارج ، وتارة تصف الفضيلة بحقيقتها ، فلا اختلاف .
ومثاله ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : ( المؤمن يألف و يُألف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُألف ، وخير الناس أنفعهم للناس ) ، وواضح أنّ ( الألفة ) و ( نفع الناس ) أمور خارجية نتجت عن تربية الإنسان نفسه .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( إنّ المؤمن مَنْ يخافه كلّ شيء ، وذلك أنه عزيز في دين الله ، ولا يخاف من شيء ، وهو علامة كلّ مؤمن ) ، وواضح أيضاً أنّ الصفة الخارجية ( خوف الكلّ من المؤمن ) جاء نتيجة لعوامل داخلية وتربية نفسية ( لا يخاف من شيء ) .

3 . أنّ بعض الأحاديث تارة تصف الفضيلة ، وأخرى تصف كمال الفضيلة ، وهناك فرق واضح بين أن يكون الفرد عاقلاً ـ مثلاً ـ ، وبين أن يكون كامل العقل .
ومثاله ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : ( لا يؤمن عبد حتى يحبّ للناس ما يحبّ لنفسه من الخير ) ، وفي حديث آخر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( لا يكمل إيمان عبد حتى يحبّ من أحبه الله سبحانه ، ويبغض من أبغضه الله سبحانه ) ، والفرق بينهما أنّ حبّ من أحبه الله سبحانه أكمل وأعلى مرتبة من حبّ نفسه للناس .

4 . أنّ بعض الأحاديث تارة تذكر صفة أو أكثر لفضيلة ما ، لأهميتها ـ مثلاً ـ أو عدم انتباه الغير إليها مع مفروغية كون الصفات الأخرى واضحة لديهم ، و بالتالي فإنّ جميع الصفات لا تذكر في نفس الحديث ، بل بمجموع الروايات تتكون لدينا الصورة الكاملة لتلك الفضيلة .

5 . أنّ الإيمان على درجات ، كما ورد أنّ ( المؤمنون على سبع درجات ، صاحب درجة منهم في مزيد من الله عزّ وجلّ ) ، فيمكن إيعاز اختلاف الأحاديث الى كون بعضها تتكلم عن مرتبة دون أخرى .

6 . أنّ بعض الأحاديث تذكر أنّ الفضيلة ـ أو كمالها ـ لا تتحقق حتى يكون فيه ثلاث خصال ـ مثلاً ـ أو أربعة ، فلربما كان المعنى المراد أنّ صفات الفضيلة كاملة البيان ، إلا هذه الثلاثة .
وبعبارة أخرى : أنّ الفرد الذي يصفه الحديث مؤمن ، لكن ينقصه أن يتحلى بهذه الصفات ( التي يذكرها ذلك الحديث ) .
وربما كان سبب التركيز على هذه الصفات التي يذكرها المعصوم دون غيرها نتيجة للظروف الاجتماعية والأخلاقية التي يعيشها ذلك المجتمع ، والتي أوجبت أن تكون تلك الصفات (التي يذكرها الحديث) بارزة و مركزة في ذلك الوقت دون غيرها .














التدبر في الحديث :
لا بدّ أنّ التدبّر في الحديث المتقدم له عدّة فوائد ، نحاول أن نسلط الضوء على بعضٍ منها :
1 . إنّ الحديث المبارك يبيّن أهمية فضيلة ( التواضع ) ، وهذا هو جوهر الخصلة العاشرة ، حيث قال :
( ... والعاشرة وما العاشرة ؟ لا يلقى أحداً إلا قال : هو خير مني وأتقى ... ) .
وهذا ما أكدته أحاديث معصوميّة أخرى ، منها :
ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( التواضع أصل كلّ شرف نفيس ومرتبة رفيعة ... ) .
وروي : أنه أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملك ، فقال : إنّ الله يخيّرك أن تكون عبداً رسولاً متواضعاً أو ملكاً رسولاً ، فنظر الى جبرائيل (عليه السلام) وأومأ بيده أنْ تواضع ، فقال : ( عبداً متواضعاً رسولاً ) ، فقال الرسول ـ يعني الملك ـ : مع أنه لا ينقصك ممّا عند ربك شيئاً .
ونحن نعلم أنّ الرسول محمداً (صلى الله عليه وآله) حتى لو اختار أن يكون ملكاً رسولاً فإنّ ذلك لا ينقصه في عين الله سبحانه شيء ، ولكنه اختار ـ وهو الفرد الأكمل ـ أن يكون متواضعاً ! .
وها هنا سؤالان ينبغي الإجابة عنهما :
الأول :
أنّ ظاهر الحديث هو التواضع لكلّ أحد ، مع أنّ الأشرار والمتكبرين لا ينبغي التواضع لهم ؟.
وجوابه :
أنه يمكن القول أنّ العموم الموجود في الحديث الشريف مقيّد بأن لا يكون التواضع من نصيب الأشرار و المتكبرين .
ومن هنا ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : ( إذا رأيتم المتواضعين من أمتي فتواضعوا لهم ، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم ، فإنّ ذلك لهم مذلة وصغار ) .
وليس معنى ذلك أن يرى الإنسان نفسه ذاتاً أشرف منهم وهم أحقر منه ويتوقع أن يتواضعوا له ، بل يجب أن يرى نفسه عاجزاً مثلهم ، وإنما بتوفيق الله أصبح من أهل النجاة ، وبخذلان الله يهلك من هلك ، ومن الممكن أن يوفق ذلك الكافر أو للفاسق للتوبة ويرزق حسن العاقبة . نعم ، نعاملهم بخشونة وغلظة تبعاً لأمر الله تعالى بذلك ، لا أن نبيع عليهم الكبرياء .
كما ينبغي أن نلتفت أنّ التواضع ليس مرتبة واحدة لجميع الناس ، بل أنّ التواضع لكلٍ بحسبه ، فالتواضع الذي يبديه المرء تجاه عالمٍ ـ مثلاً ـ ، ليس هو التواضع الذي يبديه لغيره ، والتواضع الذي يبديه المرء تجاه والديه ليس هو نفسه التواضع الذي يبديه لغيرهما ، مع أنّ الكلّ تواضع ، فينبغي أن يعطي لكل ذي حقّ حقه .

الثاني :
أنه كيف للمرء بالتواضع مع وجود الحالة النفسية بعلوّ المقام ، كما لو كان الشخص عالماً والمقابل له ذو علمية أقلّ ـ مثلاً ـ ، أو كان طبيباً والمقابل له ذو وظيفة متدنية ؟ .
وجوابه :
1 . أنّ الحديث نفسه يرفع هذا الإشكال ( .. وإذا لقي من هو شرّ منه وأدنى .. ) فباعتراف الحديث أنّ الذي يلقاه هو أدنى منه منزلة ، ولقد بيّن أيضاً ما هو التكليف الصحيح إزاء هذه الحالة ( .. قال : لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن .. ) ، أو لعلّ خاتمته الى خير وخاتمتي الى شرّ .
2 . أنّ وجود هذه الحالة لا يتنافى مع التواضع ، فليس التواضع هو سحق هذه الأمور النفسية ، من الشعور بفضيلة العلم أو غيرها ـ والتي تكون قهرية عادة ـ ، بل التواضع هو ( انكسار للنفس يمنعها من أن يرى لذاتها مزية على الغير ، وتلزمه أفعال وأقوال موجبة لاستعظام الغير وإكرامه ) .
فعلى الفرد أن لا يرى لنفسه فضيلة على غيره مهما كانت المنزلة والمكانة التي يحظى بها ، وتفهيم النفس أنّ هذه الأمور التي حصلت إنما هي من نعم الله عليه ـ حدوثاً وبقاءاً ـ ، فإذا شعرت النفس ـ وهي حالة اختيارية ـ أنه يجب أنْ تقدّس وتعظم لتلك المرتبة والمنزلة فهذا هذا الكبر المرفوض دينياً .

ـ من علامات التواضع :
لا بأس بذكر بعض الأحاديث الشريفة الواردة بهذا الخصوص تتميماً للفائدة :
منها : ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( إنّ من التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون المجلس ، وأن يسلم على من يلقى ، وأن يترك المراء وإنْ كان محقاً ، ولا يحبّ أن يحمد على التقوى ) .
ومنها : ما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال : ( التواضع أن تعطي الناس ما تحبّ أن تعطاه ) .
ومنها : ما روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه مرّ برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلّم عليه ونزل عنده وحادثه طويلاً ، ثمّ عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إنْ عرضت له ، فقيل له :يا ابن رسول الله أ تنزل الى هذا ، ثمّ تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج ؟.
فقال (عليه السلام) : ( عبد من عبيد الله ، وأخ في كتاب الله ، وجار في بلاد الله ، يجمعنا وإياه خير الآباء آدم ، وأفضل الأديان الإسلام ، ولعلّ الدهر يردّ من حاجتنا إليه فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين يديه ) .


2 . ( ولا يتبرّم بطلب الحوائج قلبه )
من المحتمل أن تكون هذه الحوائج على نحوين :
أ ـ طلب حوائج الى الله سبحانه .
ب ـ طلب حوائج من الناس ، بمعنى أن يكون الناس محتاجين إليه لكونه ذا فضيلة معينة ـ مثلاً ـ فتكثر حوائج الناس لديه .
والظاهر هو الثاني ، و إلا كيف يكون المرء متبرّماً من طلب الحوائج الى الله سبحانه وتعالى ، وهو ـ أي المرء ـ عين الفقر ! .

3 . ( الذلّ أحبّ إليه من العزّ )
كيف يكون الذل أحبّ الى نفس المؤمن ، مع أنه عزيز بشهادة قول المولى سبحانه وتعالى : " ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين " ، وكيف يكون المؤمن ذليلاً مع أننا نعرف أنه لا يجوز له أن يذلّ نفسه ؟.
أقول :
يمكن أن نفهم من الذلة معنيان صالحان لرفع الإشكال المتقدم :
1 . أنّ المقصود من الذلّ هو ذلّ نفسه أمام الله سبحانه وتعالى ، فيكون المعنى : أنّ الذلّ أمام الله سبحانه أحبّ إليه من العزّ أمام غيره .
2 . أنّ المقصود من الذلّ هو حبّ الخمول الذي هو ضدّ حبّ الجاه والشهرة ، وذلك بقرينة قوله ( العزّ ) .
ويؤيد ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( المؤمن بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً ، وأذلّ شيء نفساً ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ... )

الشيخ سلام باقر الربيعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fudlaa.yoo7.com
 
التواضع ( الشيخ سلام باقر الربيعي )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مكتب جماعة الفضلاء في الديوانية :: خاص بالمرجع (دام ظله) :: سلسلة خواطر الشيخ سلام باقر-
انتقل الى: