سابعاً :- دعوة الناس اليه ، ودلالتهم عليه
وهذا من اعظم الطاعات واوجب العبادات ويدل على فضله تمام ماورد في فضل الامر بالمعروف من الايات والروايات او جميع ماورد في فضل هداية العباد وارشادهم الى سبيل الرشاد , مضافاً الى ان افضل الخلق بعدهم من احبهم ودعا الناس اليهم كما في الرواية .
وان العالم الذي يعلم الناس معالم دينهم ويدعوهم الى امامهم , افضل من سبعين الف عابد .
وقال علي بن الحسين u :- اوحى الله تعالى الى موسى : حببني الى خلقي وحبب خلقي الي , قال : يارب . كيف افعل ؟
قال : ذكرهم الائي ونعمائي ليحبوني فلئن تردن أبقاً عن بابي , او ضالاً عن فنائي , افضل لك من عبادة مئة سنة بصيام نهارها وقيام ليلها .
قال موسى: ومن هذا العبد الأبق منك , قال : العاصي المتمرد , قال: فمن الضال عن فنائك ؟ قال: الجاهل بإمام زمانه لا يعرفه , والغائب عنه بعدما ماعرفه , الجاهل بشريعة دينه يعرفه شريعته, وما يعبد به ربه ويتوسل به الى مرضاته .
قال علي بن الحسينu : ) فابشروا معاشر علماء شيعتنا بالثواب الأعظم والجزاء الأوفر( .
وقال موسى بن جعفر u : ) فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ماهو محتاج إليه اشد على إبليس من إلف عابد لان العابد همه ذات نفسه فقط , وهذا همه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته فذلك هو أفضل عند الله من إلف إلف عابد ) .
وقال علي بن موسى الرضا u ) يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كانت همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤونتك , فادخل الجنة . إلا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره وأنقذهم من أعدائهم , ووفر عليهم نعم جنان الله وحصل لهم رضوان الله تعالى .
ويقال للفقيه : ياايها الكافل لأيتام إل محمد الهادي لضعفاء محبيه ومواليه , قف حتى تشفع لكل من اخذ عنك أو تعلم منك فيقف فيدخل الجنة , ومعه فئام وفئام حتى قال عشراً , وهم الذنب اخذوا علومه وأخذوا كمن اخذ عنه الى يوم القيامة , فانظروا كم فرق مابين المنزلتين .
وقال علي بن محمد u : لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه , والدالين إليه , والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته , ومن فخاخ النواصب لما بقي احد ألا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة , كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل .ويدل على المقصود قول الله عزوجل في سورة النحل )ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(النحل125 .
والكلام في الاستشهاد بالآية الشريفة مبنية على ثلاث أمور :-
الأول :- إن ظاهر الخطاب وان كان متوجهاً الى رسول الله ص ولكن مفاده تكليف عام لسائر أهل المعرفة والديانة , بشهادة الآيات والروايات الدالة على لزوم الدعوة والدلالة كقوله تعالى )إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ( البقرة : 159
وقوله تعالى )وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ( آل عمران104
وقد ورد إن القران نزل بأياك واسمعي ياجارة , مضافا الى دلالة العقل , من حيث أن الغرض من بعث الأنبياء ونصب الأوصياء وجعل العلماء , وحثهم على بث العلم ورواية الأحاديث وترغيب الناس إليهم وأمرهم بسؤال أهل الذكر, إنما هو لمعرفة سبيل الله والوصول الى طريق النجاة والسعادة , فظهر إن الدعوة الى سبيل الرب كل مسلم عارف .
الأمر الثاني : لاريب من إن المراد بسبيل الرب هو السبيل الذي يحصل بسلوكه رضا الله تعالى , كما إن لاريب في كون ذلك السبيل معرفة الأئمة , وإتباعهم , فهي العلة التامة التي لايحصل رضا الله تعالى عند العبد بدونها , وان كان معتقداً بالتوحيد والنبوة , كما إن معرفة مولانا صاحب الزمان عج وإتباعه , هي العلة التامة لرضا الله تعالى عند العبد , التي لايحصل رضا الله تعالى عن , ونجاته بدونها وان كان مقراً معتقداً بسائر الأئمة .
ولهذا ورد في الرواية التي قدمناها في بعض مواضع هذا الكتاب عن الصادق u : أن من أقر بسائر الأئمة , وأنكر الثاني عشر , كمن بسائر الأنبياء , وأنكر محمد 7ولذلك اختص منصب الشفاعة بمولانا الحجة في الحديث الذي قدمناه أيضا عن النبي ص في وصف الأئمة وذكر مناصبهم في يوم القيامة ,الى إن قال ص والمهدي شفيعهم , الخ مع إن الأئمة والأنبياء أيضا شفعاء يوم القيامة .
وقد ورد في زيارة الجامعة : )انتم السبيل الأعظم , والصراط الاقوم( , وهذا لاينافي تفسير السبيل لدين الله , ونحوه , لما ذكرنا من إن كمال الدين ليس الابمعرفة الإمام uولهذا نزل قوله تعالى : )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً( المائدة3 بعد إن نصب النبي ص أمير المؤمنين u للخلافة , ودل على معرفته ومعرفة الأئمة من بعده u فتحصل مما ذكرنا حرمة الكتمان ووجوب الدعوة الى معرفة مولانا صاحب العصر والزمان u ,وطاعته بحكم الآية الشريفة .
الأمر الثالث : إن للدعوة إليه كيفيات ثلاث , بحسب اقتضاء الحال وتفاوت مراتب المدعوين في نقص النقص والكمال , فقد يجب إعمال جميع مراتب الدعوة , وقد يحصل الغرض بإعمال بعضها , فأول مراتب الدعوة بحسب الشأن والرتبة :- الدعوة بالحكمة , ولهذا قدم ذكرها على المواظبة والمجادلة .
وقد فسرت الحكمة في بعض الروايات بطاعة الله ومعرفة الإمام وفي بعضها بمعرفة الإمام واجتناب الكبائر التي اوجب الله عليها النار والعقاب وفي بعضها بمعرفة والتفقه في الدين , وقد روي غير ذلك أيضاً .
والكلمة الجامعة لمعنى جميع ماذكر في ذلك , العلم والعمل , وهو المناسب للمعنى اللغوي أيضاً , فإنها مستعارة من الحكمة بفتحتين , ماأماط بحنكي الدابة من لجامه , بمعناها من الخروج , وكذلك العلم والعمل يمنعان صاحبهما من الخروج عن طاعة الله عزوجل والدخول في طاعة الشيطان والورود في المزلات , والاقتحام في الهلكات كما قال الله تعالى : )إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (الأعراف201 ,) وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (الطلاق2 ولذلك قال عزمن قال )يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (البقرة269 فمن وفق للعلم والعمل فاز بمعرفة الأئمة ع وهي الخير الكثير .
الأربعاء مايو 14, 2008 1:51 pm